الفرق بين المراجعتين لصفحة: «9»

من كتاب أدب الرجل
(أنشأ الصفحة ب'== إن استطعت ألا تعمل عند أحد فافعل == كن حر نفسك صاحب عملك ما استطعت، فالعمل عند الناس في زماننا عبودية، بل إن الرق فيما مضى كان أكرم للعبد مما تقدمه الوظيفة اليوم للحر، يأكل الغلام مما يأكل سيده ويلبس مما يلبس، لا يهينه و لا يحرمه حقوقه الأساسية، بل و ينال الأج...')
 
لا ملخص تعديل
 
(١ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
== إن استطعت ألا تعمل عند أحد فافعل ==
== إن استطعت ألا تعمل عند أحد فلا تفعل ==
كن حر نفسك صاحب عملك ما استطعت، فالعمل عند الناس في زماننا عبودية، بل إن الرق فيما مضى كان أكرم للعبد مما تقدمه الوظيفة اليوم للحر، يأكل الغلام مما يأكل سيده ويلبس مما يلبس، لا يهينه و لا يحرمه حقوقه الأساسية، بل و ينال الأجر إن زاد عليها، و لا ينام الغلام مهمومًا و مولاه مسؤول عنه، أما اليوم فالموظف بالكاد يكفي حاجته و ليس له حق على صاحب العمل معشار ما كان للعبد، يصحو كل صباح في كدر، و يزاحم الناس في الطرقات و المواصلات ليصل إلى عمله في موعده، و يكابد زملاءه أكثر مما يكابد عملاءه، ثم يعود لينام كالقتيل حتى يعاود الدوران في اليوم التالي، و إن استرق من وقته ساعة لبيته و عياله فهو من رصيد صحته لأنه يسرق الساعة من نومه و راحته لا من دوامه، ثم بعد هذا كله يذهب مكسب العمل لصاحب العمل و يلقي للعبيد بالفتات الذي بالكاد يكفيهم، وهذا هو القصد من المرتبات المتدنية، أن تنال ما يكفي طعامك و شرابك و مصروفاتك اليسيرة و علاج من الدرجة الثالثة إن أصابك مرض، و بعض الترفيه لك و لعيالك حتى لا تصل إلى نقطة الانفجار، كي تستمر في تدوير الساقية كالثور، عيناك معصوبتان كي لا تنظر حولك فترى سعة الدنيا، و تقنع بالبرسيم الذي يقدم لك.
كن حر نفسك صاحب عملك ما استطعت، فالعمل عند الناس في زماننا عبودية، بل إن الرق فيما مضى كان أكرم للعبد مما تقدمه الوظيفة اليوم للحر، يأكل الغلام مما يأكل سيده ويلبس مما يلبس، لا يهينه ولا يحرمه حقوقه الأساسية، بل وينال الأجر إن زاد عليها، ولا يبات الغلام مهمومًا ومولاه مسؤول عنه، أما اليوم فالموظف بالكاد يكفي حاجته وليس له حق على صاحب العمل معشار ما كان للعبد، يصحو كل صباح في كدر، ويزاحم الناس في الطرقات والمواصلات ليصل إلى عمله في موعده، ويكابد زملاءه أكثر مما يكابد عملاءه، ثم يعود لينام كالقتيل حتى يعاود الدوران في اليوم التالي، وإن استرق من وقته ساعة لبيته وعياله فهو من رصيد صحته لأنه يسرق الساعة من نومه وراحته لا من دوامه، ثم بعد هذا كله يذهب مكسب العمل لصاحب العمل ويلقي للعبيد بالفتات الذي بالكاد يكفيهم، وهذا هو القصد من المرتبات المتدنية، أن تنال ما يكفي طعامك وشرابك ومصروفاتك اليسيرة وعلاج من الدرجة الثالثة إن أصابك مرض، وبعض الترفيه لك ولعيالك حتى لا تصل إلى نقطة الانفجار، كي تستمر في تدوير الساقية كالثور، عيناك معصوبتان كي لا تنظر حولك فترى سعة الدنيا، وتقنع بالبرسيم الذي يقدم لك.
 
ومع ذلك فالعمل الحر ليس لكل أحد، وربما لا يقدر عليه أكثر الناس، فإن كنت عاجزًا عن الاستقلال فلا بأس بالعمل عند الناس، ولكن اختر الوظيفة التي تحفظ كرامتك ولا تضيع صحتك وعمرك للحصول على الكفاف.

المراجعة الحالية بتاريخ ١١:٥٧، ٢٦ مايو ٢٠٢٤

إن استطعت ألا تعمل عند أحد فلا تفعل

كن حر نفسك صاحب عملك ما استطعت، فالعمل عند الناس في زماننا عبودية، بل إن الرق فيما مضى كان أكرم للعبد مما تقدمه الوظيفة اليوم للحر، يأكل الغلام مما يأكل سيده ويلبس مما يلبس، لا يهينه ولا يحرمه حقوقه الأساسية، بل وينال الأجر إن زاد عليها، ولا يبات الغلام مهمومًا ومولاه مسؤول عنه، أما اليوم فالموظف بالكاد يكفي حاجته وليس له حق على صاحب العمل معشار ما كان للعبد، يصحو كل صباح في كدر، ويزاحم الناس في الطرقات والمواصلات ليصل إلى عمله في موعده، ويكابد زملاءه أكثر مما يكابد عملاءه، ثم يعود لينام كالقتيل حتى يعاود الدوران في اليوم التالي، وإن استرق من وقته ساعة لبيته وعياله فهو من رصيد صحته لأنه يسرق الساعة من نومه وراحته لا من دوامه، ثم بعد هذا كله يذهب مكسب العمل لصاحب العمل ويلقي للعبيد بالفتات الذي بالكاد يكفيهم، وهذا هو القصد من المرتبات المتدنية، أن تنال ما يكفي طعامك وشرابك ومصروفاتك اليسيرة وعلاج من الدرجة الثالثة إن أصابك مرض، وبعض الترفيه لك ولعيالك حتى لا تصل إلى نقطة الانفجار، كي تستمر في تدوير الساقية كالثور، عيناك معصوبتان كي لا تنظر حولك فترى سعة الدنيا، وتقنع بالبرسيم الذي يقدم لك.

ومع ذلك فالعمل الحر ليس لكل أحد، وربما لا يقدر عليه أكثر الناس، فإن كنت عاجزًا عن الاستقلال فلا بأس بالعمل عند الناس، ولكن اختر الوظيفة التي تحفظ كرامتك ولا تضيع صحتك وعمرك للحصول على الكفاف.