183
لا تتهم أحدًا بذنب ليس عندك عليه برهان
إن اتهمت امرأتك أو ولدك أو عاملك أو صديقك بذنب لأنك ترتاب فيه بلا دليل، فقد ظلمته وجرأته على الذنب وكسرت هيبتك، فإن كان المتهم بريئًا من تهمتك فربما تجرأ فوقع في الذنب، فمن الناس من إذا ظُلِم ظن أنه ما دام قد اتُّهم بغير حق، فلا بأس أن يفعل ما اتُّهم به، فيقع في الخطأ كأنما ينتقم من ظالمه، فيكون الظلم بابًا لفساد لم يكن، وإن كان المتهم مذنبًا ولم تثبت ذلك عليه بالدليل والبرهان ثم اتهمته واستجوبته بغير بينة أحكم أمره وأخفى جرمه وصارت له عندك مظلمة وهو الظالم.
ومثال ذلك أن تتهم الصغير بأنه لم يفعل ما أمرته به، فإن أول ما يدفع به التهمة عن نفسه إن كان مذنبًا أن يكذب، فإن لم تستطع إثبات ذنبه لأنك اتهمته قبل أن تحوز الدليل، وقع في نفسه أن الكذب قد نجاه من العقاب فيعتاد الكذب ويكثر من الخطأ، وإن كان بريئًا وقع في نفسه أنك - وإن فعل ما يرضيك - لا ترضى، ولا تزال تتهمه بذنوب لم يفعلها، فيهون في عينه التقصير ولا يبالي بعد ذلك بطاعتك، ويستوي عنده رضاك وسخطك.