0
مقدمة لا بد منها
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، هذا كتاب أدب جمعت فيه نصائحًا مختصرة للشباب في كل أمور الحياة، أكثرها من تجارب شخصية وخبرات عملية لرجل قارب الخمسين، بعضها مما علمني أبي رحمه الله، وكان عربيًا قحًا أدرك حكمة الأولين، وبعضها مما علمتني الحياة، وقد تعلمك الدنيا ما لم يعلمك أبوك. بعضها تعلمته وعملت به فنفعني الله به، وبعضها خالفته فتأدبت به، وقد يتعلم ابن آدم بالتجربة والخطأ ما لا يتعلم بالنجاح من أول مرة. النصائح تتنوع من الدين والعقيدة وإصلاح أخلاقك إلى أدوات الطبخ وترقيع ثوبك وتقليم أظفارك، مرورًا بالطعام والرياضة والصحة والعلاقات وأمور أخرى، جعلتها موجزة من غير حشو، سهلة الفهم، بلسان فصيح، ميسّرة للشباب خاصة، وقد خالفت طريقة الأولين فبدأت النصيحة بكلامي ثم أتيت بعده بشاهد من القرآن والحديث، لا استقلالًا لها ولا استهانةً بها معاذ الله، ولكن لأن الشاهد قد يحتاج إلى شرح فيكون الكلام الذي قبله شارحًا له وموصلًا للمعنى بلسان يفهمه قارئ هذا الزمان، حتى إذا قرأ بعده الآية والحديث قرأه وهو يفهمه لا ينتظر له شرحًا.
دفعني إلى تأليف هذا الكتاب منشور لشاب في إحدى مجموعات فيسبوك، قال في منشوره أنه "ولد" وأنه مقبل على الزواج خلال أيام، ثم سأل عن النصائح التي تخص النظافة الشخصية، لأنه قليل الخبرة، وقد آلمني ما قرأت، فذلك البائس واحد من ملايين الشباب في هذا الزمان، لم يعلمه أبوه الطهارة وكيف يعتني ببدنه، فكيف بما هو أكثر من ذلك، من الآداب والأخلاق التي يجب على الوالد أن يؤدب بها ولده، فكتبت لذلك مسودة لمقالة عن النظافة الشخصية، ثم وسعت المقالة إلى دليل الفحولة، ثم عرضت لي أمور وأنا أكتب دليل الفحولة، من الآداب والأخلاق التي لا بد للرجل منها، لكن مكانها ليس دليل الفحولة المختصر فجمعتها ها هنا، رجاء أن ينتفع بها الشباب.
و بعد هذا فلا حاجة إلى أن أذكرك بأنني ابن آدم، أصيب وأخطئ، وكل ابن آدم خطاء، وقد جهدت أن أجمع لك أحسن ما أعلم، وأن أصوغه لك بأيسر ما أستطيع من الكلام، فتدبر كل حكمة سقتها لك، وابحث فيها وتوسع في القراءة عنها، ثم انظر في حال نفسك وما عساه ينفعك منها، وقارب وسدد ما استطعت، فليس كل شيء يصلح لكل أحد. ولا تتردد أن تراجعني في أمر أشكل عليك أو تظن أني أخطأت فيه وأنت تعلم صوابه، وأنا رجل يعد الرجوع إلى الحق فضيلة، وأعوذ بالله من الكِبْر. أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري رضي الله عنه حين ولاه القضاء، قال عمر: ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس, فراجعت فيه نفسك وهُديت لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شيئ.