10

من كتاب أدب الرجل

تزوج من أقاربك فهو أسلم لك

وهذا معلوم من المشاهدة ومن حكمة أهل التجارب، فإن القرابة تلزمك وتلزم أقاربك بحدود يصعب تجاوزها وإن اشتد الخلاف. فإن قال قائل رأيت فلانًا تزوج من قرابته فعاداهم أشد العداوة ورأيت غيره تزوج من آخر الدنيا فصلح أمره، فقد أخطأ القياس، لأنه قاس رجلين تختلف أحوالهما، ولكن تأمل لو أن هذا الرجل نفسه تزوج من غير قرابته ثم وقعت له نفس الظروف كيف يكون حاله، لا ريب أن الكفة تميل لصالح الأقارب. كما أن أحد أشهر الأسباب للطلاق وفساد الزواج انعدام التكافؤ واختلاف البيئات والعادات والأعراف، والجهل بأحوال الزوجين وطباعهما قبل الزواج، لكنك تعرف أقاربك ويعرفونك.

وإن لم تجد في قرابتك ما يناسبك، فمن جيرانك، والجار مطلع على أحوال جيرانه ربما أكثر من أقاربه الذين يسكنون في مكان بعيد مختلف العادات والأعراف، فإن لم تجد من جيرانك فمن أهل بلدتك.

وقد ترى من الزواج من غير ما سبق ما يصلح، لكنه استثناء قليل، والغالب ما قلت لك. وفي كل الأحوال ينبغي للعاقل عند الاختيار أن يوازن بين كل الصفات ويحسب المزايا في كفة والعيوب في كفة ويرى ما يصلح له ويشاور أهل الخبرة الثقات، فما خاب من استشار.