العنصرية الإيجابية

بسم الله، الأحد، 29 شعبان 1440

الأيام اللتي خلت كانت مرهقة، نوم غير منتظم وخروج أكثر من مرة وزيارات غير مرتبة، كنت فيما مضى أتبرم من الأقارب الذين يفرضون جدولًا للزيارات ومواقيتًا لا يمكنك أن تدخل بيوتهم إلا فيها، كنت أعده نوعًا من الفزلكة والتعالي على الناس، الآن أعتذر لهم وأود لو أعلق لافتة على صدري مكتوب عليها من فضلك لا تقل لي السلام عليكم إلا بحجز سابق.

غدًا إن شاء الله أول رمضان المبارك الذي أنزل الله فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان.

صليت التراويح/القيام في الجامع الكبير، صلينا في ساحة الجامع المبلطة حديثًا بالرخام أو الجرانيت، نسيت الفرق بينهما، لكنه بلاط فاخر وأراحنا كثيرًا عن العام الماضي حيث كانت أرضية الساحة طينية غير مستوية، أمّنا رجلان بالتناوب، أحدهما معلم أزهري شاب صوته فاخر ويقرأ بطريقة السعوديين، والآخر شاب صعيدي يقرأ بطريقة المصريين التقليدية التي أفضلها كثيرًا على طريقة السعودية، ومع أنه ليس فاخر الصوت كصاحبه لكن تلاوته ماتعة، أحس أن طريقة المصريين في القراءة أقرب للتركيز في القرآن والتدبر من طريقة السعودية التي تشغلك بالقارئ عن القرآن.

عدد المصلين والحمد لله كان كبيرًا، والأطفال حولنا يمرحون وقليل منهم يصلي، والجو فيه بهجة كأنها صلاة العيد.

قررت بالأمس أن أنقطع عن تويتر وفيسبوك طول رمضان، إلا من تغريدة واحدة كل يوم أضع فيها رابط هذه اليوميات لمن يهتم بقراءتها، لا أعلم عدد قراء مدونتي، لكن عندي على الأقل اثنان من الجمهور، أخ يتابعني من خلال قارئ تلقيمات rss وأخت أرسلت لي توصيني ألا أنقطع عن التدوين وأنها لن تدخل تويتر طول رمضان لكنها ستقرأ مدونتي، ولها أقول أنني كنت سأكسل الليلة عن الكتابة لكن تذكرت كلامها فجئت أدون ما تقرأه الآن، مع علمي أنه ثرثرة لا تفيد أحدًا. :)

اليوم ذهبت إلى مدينة الإسماعيلية لقضاء حاجات، من بينها حاجة في فرع ڤودافون، كنت ألبس جلبابًا وعمامة، طويل اللحية، وأنا لا أطيل لحيتي تدينًا بل كسلًا، وددت لو أطيلها كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم أنه فرض على كل رجل مسلم يأثم تاركه، لكني أضطر لحلاقتها تجنبًا لما يعانيه الملتحون في بلدنا.
المهم أني دخلت الفرع ووصلت للموظف في دوري وطلب مني لإتمام معاملتي ضغط رقم ما في هاتفي، ثم قام من مكانه ودار حول الطاولة ووقف إلى جواري ليتأكد أني نفذت الطلب بطريقة صحيحة، هذا الأمر أزعجني كثيرًا، هو افترض من هيئتي (الجلباب والعمامة والصديرية والهاتف العتيق) أنني جاهل لا أعرف كيف أستعمل الهاتف، فقام ليساعدني.
علمت الآن كيف يحس الناس عندما يعاملهم أحد بلطف زائد حتى لا يحسوا بالعنصرية، يسميها الحقوقيون عنصرية إيجابية positive racism حيث تبالغ في اللطف مع الناس على أساس العرق أو اللون أو الجنس ظنًا منك أنهم يستحقون معاملة غير عنصرية وأنت بذلك في الواقع تميزهم عن الآخرين حسب عنصرهم، والصواب في الأمر ألا تميزهم أصلًا، عاملهم كما تعامل سائر الناس.
رغم الانزعاج قدّرت حسن نيته ولم أكن في مزاج يسمح بمحاضرة طويلة فاكتفيت بابتسامة وأومأت برأسي شاكرًا.

اقرأ المزيد من يومياتي

سامي الطحاوي السلمي