أعجبني

بسم الله، الخميس 11 رمضان 1440

آخر مرة شربت فيها الشاي كانت في الليلة الثانية من رمضان (بعد أول إفطار لمن لا يعلم كيف يحسب العرب الأيام)، بعد ساعاتٍ أتم عشرة أيام بلا شاي وإن شاء الله للأبد، لا أجزم بأني لن أشربه أبدًا فربما اضطررت لذلك للتواصل الاجتماعي to socialize إن دعاني قريب أو صديق ولم أجد مخرجًا، لكن لن أصنعه بيدي ولو كان على الحطب الذي يعطيه نكهةً لذيذةً مميزة.

دعاني صديق للاشتراك في مجموعة فيسبوك لمشاركة الخبرات والتناصح، فقبلت الدعوة مجاملةً له. أحببت تصفح الأسئلة وأجبت عن سؤالين ونالت إجاباتي إعجاب البعض وأضحكتهم النكات المرحة المضمنة في الإجابات الجادة، وجدت أن ذلك يسرني كما كان يسرني من قبل، هناك سر في نفس ابن آدم يجعله يهتم بإعجاب الآخرين وإن كان لا يعرفهم، ويخشى ذمهم وإن كانوا لا يضرون ذبابًا ولو اجتمعوا له، والشبكات الاجتماعية مصممة للتلاعب بهذا الضعف النفسي، تويتر وفيسبوك وإنستجرام ليس فيها زر "لم يعجبني" إلى جوار زر "أعجبني"، الإعجاب يسرك ويدفعك للمزيد من الكلام والصور والڤيديوهات، وإن كانت لا تستحق إلا الضرب بالنعال، بينما لو وضعوا زر "كرهته" أو "لم يعجبني" لتوقف ملايين الناس عن استعمال هذه الشبكات خلال ساعات وانشغلوا بشيء آخر يرضيهم عن أنفسهم ويخفي عنهم عيوبهم، نحن نحب الثناء ولو بالكذب، ونكره النقد ولو كان حقًا، كما قال شوقي "خدعوها بقولهم حسناءُ ... والغَواني يغُرُّهُنَّ الثناءُ".

سامي الطحاوي السلمي