يوسف

بسم الله، الأربعاء 17 رمضان 1440

بعد المغرب، أي في الليلة 18 من رمضان، انقضت أحسن 17 يوم مرت بي من سنين، وهذا حال الدنيا، كل شيء يمر، الحلو والمر.

من يومين أحسست بثقل في قلبي، كان يعاودني من زمن قبل الالتزام والتوبة، وكنت أعرف سببه، لكن الآن وأنا محافظ على الصلوات بحمد الله لا أدري لم عاد، لكنه لم يدم كثيرًا والحمد لله، والأهم أني في وقتها كنت موقنًا أنه سيزول سريعًا بإذن الله.

البارحة في صلاة التراويح وصلنا سورة يوسف، لما قرأ الإمام قول الله تعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ" بكى، وعن يميني الأستاذ حسن، واحد من القلائل الذين أذكر أسماءهم في هذه القرية، المؤلم أن حسن هذا فقد ابنه يوسف قبل حوالي ثلاثة أشهر، كان مصابًا بمتلازمة داون وتوفاه الله ابن 10 سنين، هذه أول مرة يبكي الإمام فيها من أول رمضان، ولا أدري أتأثر بحزن سيدنا يعقوب أم بحزن الأستاذ حسن.

البارحة بعد الصلاة اشتريت تمرًا، أفلست فلم أجد إلا التمر أتقوت به ما بقي من الشهر حتى يرزقني الله رزقًا جديدًا، التمر المصري رديء، بل أردأ أنواع التمر في الدنيا، ومع أن مصر أكبر منتج للتمر في العالم، لكننا لا نهتم بجودته، لا بالأصناف والإنتاج، ولا بالتخزين والتداول والتسويق، ولا حتى نهتم بأكله، بينما إخواننا في جزيرة العرب يتفننون في زراعته وتعبئته وتقديمه وأكله، اشتريت الكيلو ب 15 جنيهًا، وبقي معي ما يكفي لحلاقة رأسي قبل العيد واتعشت كدا، ولأن التمر المصري الرخيص قاس لا يصلح للأكل على حاله، أخليت ملء كوبٍ من النوى بالمطرقة، ونبذته في الماء من بعد العشاء إلى السحور، وكان أفضل سحور. السكر الطبيعي في التمر ليس كالسكر الأبيض، فهو لا يعبث باتزان السكر والأنسولين في الدم، وبه بوتاسيوم يخفف العطش، فكنت والحمد لله نشطًا خفيفًا طول اليوم.

أحد السلفيين من جماعة التبليغ والدعوة، وهم قوم طيبون يدعون إلى الله بطريقة عجيبة ويتحركون بحرية مطلقة تدل على قربهم من السلطة، قام يعظ الناس في فترة الراحة بين التراويح، فقال من بين ما قال أن سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم أتاه نصراني فحدث بينهما موقف فعاتب الله تعالى سيدنا إبراهيم في النصراني، ولمن لم يفهم المفارقة فسيدنا إبراهيم كان قبل سيدنا عيسى عليهما السلام وقبل النصارى بمئات السنين، فكيف التقى بنصراني؟! لكني خفت أن أصحح له الخطـأ، فلا أحد يعرفني هنا، وربما كان الرجل مسنودًا من أمن الدولة فيرسلني إلى أبينا إبراهيم عليه السلام لأسأله بنفسي.

اقرأ يومياتي السابقة.

سامي الطحاوي السلمي