لعبة العروش

لعبة العروش game of thrones ويعرف اختصارًا ب got مسلسل تلفزيوني أمريكي من نوع المغامرات والقتال والممالك والكائنات الخرافية، يشبه أفلام هاري بوتر harry potter وسيد الخواتم the lord of the rings في الحبكة، ومعبأ بقدر لا بأس به من الدراما المسلية، لكنه فاق أكثر مسلسلات الغرب قذارةً بعرضه مشاهد جنسية فاضحة كاملة، ولم يكتف بذلك، بل يعرض زنا المحارم والشذوذ الجنسي، الأخ بأخته والرجل بأمه والنساء ببعضهن وقدرًا هائلًا من الفاحشة لم يجتمع قبله في مكان واحد إلا نادرًا، لكن الأسوأ من ذلك أنه بات حديث الناس في العالم كله، ومنهم العرب، وانتظر حتى تسمع الطامة الكبرى، رأيت عددًا من الشباب المتدين - أو أحسبه كذلك - والذين يسمون أنفسهم "إسلاميين" يتحدثون عنه في تويتر بلا حياء، يعني لا يكتفي بمشاهدته في السر ويستغفر، بل يحرض الناس على قبول زنا المحارم بلا حرج.

ولا يظن أحد أن المسلسل به قدر مقبول من الإباحية، إن كان هناك قدر مقبول أصلًا، ولكن تخيل أن مواقع سينما غربية تنشر قائمة بعنوان "15 مسلسل به إباحية أكثر من لعبة العروش"، وحتى موقع menshealth للرجال والذي ينشر الكثير من الإباحية ينشر مقالةً بعنوان 6 times game of thrones got real creepy with incest أو ما يعني - تقريبًا - "6 مرات جاوزت لعبة العروش الحد مع زنا المحارم"، وكأن المحترمين وشبه المحترمين في أمريكا يعانون ما نعاني منه هنا من القرف والنفور، فما الذي أصاب الناس عامة وما الذي أصاب الشباب الذين كنا نحسبهم على خير؟!

هذا تحذير لكل من يقرأ كلامي، اتق الله ولا تنشر الفاحشة بين الناس، فإن كنت لا محالة تشاهد هذا المسلسل فلا تجاهر أمام الناس بذلك فتكون من المجاهرين الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، زنا محارم وتحدث الناس عنه؟ المجاهرة هنا أعظم بكثير من الفعل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وقدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فَيَقُولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه".

كلمة أخيرة لمن يزعم أن النهي عن المنكر قد يكون سببًا في انتشاره، وأن السكوت عن الباطل يميته، ويستدل بقول غير ثابت ولا صح عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أميتوا الباطل بالسكوت عنه"، فزيادة على أن سيدنا عمر لم يقله، فهو لا يصلح لكل الأحوال، فإذا وجدت الباطل انتشر فعلًا فالسكوت لم يعد خيارًا، وأما من يقول دع الخلق للخالق فهذا عصيان لله ورسوله، لأن الله أمرك بتغيير المنكر الذي تراه بيدك إن كنت أميرًا أو صاحب سلطان، أو بلسانك وهذا ما نفعله، أو بقلبك إن لم تستطع ما سبق، ونحن لا نحاسب الناس ولا نعاقبهم، إنما نرى المنكر فننكره بألسنتنا براءةً إلى الله، ونحن أهل معصية ككل الناس، لكننا نستتر رجاء أن يغفر الله لنا، وأن يعافينا كما وعدنا بالمعافاة وحرم منها المجاهرين.

تحديث ما كنت أظن أني سأضطر لهذه الإضافة، لكن يبدو أن موازين الناس اختلت، كل الكلام أعلاه موجه للمسلمين عامة، المتدين منهم والعاصي الذي يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإن كان يسرق ويزني، فإن المجاهرة بالذنب قد تكون أعظم من السرقة ومن الزنا، والكلام للشباب والفتيات، للكبير والصغير، ولا يجوز لعاقل أن يقول أن هذا التنبيه للبنات وحدهن، فإن نشر المعاصي حرام على الذكر والأنثى ولا فرق، والحياء شعبة من الإيمان، وإيمانك ذكرًا كنت أو أنثى لا يتم إلا به.

سامي الطحاوي السلمي