تزوج من أقاربك، فإن الزواج من ذوي القربى أدعى لصلاح الحال، وهذا معلوم من المشاهدة ومن حكمة أهل التجارب، فإن القرابة تلزمك وتلزم أقاربك بحدود يصعب تجاوزها وإن اشتد الخلاف. فإن قال قائل رأيت فلانًا تزوج من قرابته فعاداهم أشد العداوة ورأيت غيره تزوج من آخر الدنيا فصلح أمره، فقد أخطأ القياس، لأنه قاس رجلين تختلف أحوالهما، ولكن تأمل لو أن هذا الرجل نفسه تزوج من غير قرابته ثم وقعت له نفس الظروف كيف يكون حاله، لا ريب أن الكفة تميل لصالح الأقارب.
كما أن أحد أشهر الأسباب للطلاق وفساد الزواج انعدام التكافؤ واختلاف البيئات والعادات والأعراف، وجهل كل زوج بحال صاحبه وطباعه وماضيه قبل الزواج، لكنك تعرف أقاربك ويعرفونك.
وإن لم تجد في قرابتك ما يناسبك، أو صدقت أن زواج الأقارب يورث الأمراض كما يزعمون، فتزوج من جيرانك، والجار مطلع على أحوال جيرانه ربما أكثر من أقاربه الذين يسكنون في مكان بعيد مختلف العادات والأعراف، فإن لم تجد من جيرانك فمن أهل بلدتك الذين تعرفهم.
وقد ترى من النساء من تصلح لك من غير ما سبق، لكنه استثناء قليل، والغالب ما قلت لك. وفي كل الأحوال ينبغي للعاقل عند الاختيار أن يوازن بين كل الصفات ويحسب المزايا في كفة والعيوب في كفة ويرى ما يصلح له ويشاور أهل الخبرة الثقات، فما خاب من استشار.