صرصور الحقل

بسم الله، الأحد 6 شوال 1440

صرصور الحقل وجد طريقه إلى حديقتي الخلفية فائقة الصغر، حين سمعت صوته للمرة الأولى قفز قلبي من السعادة، أبهجني أن أصبحت الحديقة - مع صغر مساحتها - تفيض بالحياة مع هذا التنوع من الأحياء، اليعاسيب، الدبابير، السحالي، الخنافس، العناكب، النمل، والعصافير من نوعين، العصفور العادي يمر ليشرب من دلوي المليء بالماء طول الوقت، وعصفور الجنة قبل أيام رأيته، لكن كعادته لا يقترب كثيرًا، كل هذا مع أربعة أنواع مختلفة من النباتات لا أعرفها، هذه الحديقة برية بالكامل لم أزرع فيها نبتةً واحدة.

صوت صرصور الحقل يؤنسني بالليل كصوت العصافير في الصباح، لكنه حساس لوقع الأقدام، إذا اقتربت منه يصمت، وإذا سكنت قليلًا عاد للصفير بصوته المعروف الذي يدعو به الإناث للزواج، الظريف أن هذا الصوت ليس من فمه، بل هو نتاج حك جناحيه، ومع أنه حساس لوقع الأقدام لكنه لا يبالي بأي صوت أصدره وأنا واقف مادمت لا أمشي، أظنه يسمع الصوت عن طريق الأرض وليس الهواء.

الهررة الضالة باتت تعرف طريق المخزن، غرفة صغيرة بجوار الحديقة نرمي فيها أشياء قديمة، مرتان أو ثلاث وضعت الهررة صغارها في هذا المخزن حتى اشتد عودهم قليلًا ثم رحلوا، الآن هناك هر واحد على الأقل في المخزن عمره لا يزيد عن أسبوعين، تزوره أمه من وقت لآخر، يراني حين أدخل الحديقة فيهرع ليختبئ حيث ولدته أمه، ويبدو أن أمه ألفتني قليلًا فلم تعد تهرب مني كسابق عهدها، تراقبني من بعيد وأنا أغتسل في الحديقة من الدلو، أستحي أن تنظر إلي وأنا عارٍ أغتسل، لكن لا أحب أن أخيفها فأتركها تتشمس بالقرب من صغيرها.

قال سيدنا عبداللَّه بن مسعود: كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في سَفَرٍ، فانطلقَ لحاجتِهِ فرأَينا حُمَرةً (طائر صغير كالعصفور) معَها فرخانِ (الفرخ كل طائر صغير السن) فأخذنا فَرخَيها، فجاءتِ الحُمَرةُ فجعلت تفرِشُ (ترفرف بجناحيها فزعًا)، فجاءَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: من فجعَ هذِهِ بولدِها؟ ردُّوا ولدَها إليها. صحيح أبي داود


العرب تسمي صرصور الحقل الجُدجُد أو صرّار الليل أو صيّاح الليل أو الصرصر لأنه يَصِرُّ صَرِيرًا، أي يصدر صوتًا عالٍ، كما نقول صرّ الباب أو ألواح خشب الباركيه.

اقرأ المزيد من يومياتي

سامي الطحاوي السلمي