التوبة من الكفر والزنى وفعل قوم لوط والخمر وأكل الأشياء المحرمة كالخنزير والدم والميتة وغير ذلك تكون بالندم، والإقلاع، والعزيمة على أن لا عودة أبدا، واستغفار الله تعالى، هذا إجماع لا خلاف فيه.

والتوبة من ظلم الناس في أعراضهم وأبشارهم وأموالهم لا تكون إلا برد أموالهم إليهم، ورد كل ما تولد منها معها أو مثل ذلك إن فات، فإن جهلوا ففي المساكين ووجوه البر مع الندم والإقلاع والاستغفار، وتحللهم من أعراضهم وأبشارهم، فإن لم يكن ذلك فالأمر إلى الله تعالى، ولا بد للمظلوم من الانتصاف يوم القيامة، يوم يقتص للشاة الجماء من القرناء.

والتوبة من القتل أعظم من هذا كله، ولا تكون إلا بالقصاص، فإن لم يمكن فليكثر من فعل الخير ليرجح ميزان الحسنات.

حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا أحمد بن فتح، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أحمد بن علي، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان بن بهرام الدارمي، حدثنا مروان يعني بن محمد الدمشقي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر، عن النبي ﷺ فيما روى، عن الله تعالى، أنه قال : "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".

وبه إلى مسلم، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمان، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال : "أتدرون من المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال عليه السلام: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء".

قال ابن حزم: هذا كله خبر مفسر مخصص لا يجوز نسخه، ولا تخصيصه بعموم خبر آخر.

مختصر باب التوحيد

سامي الطحاوي السلمي