كتاب المُحَلَّى في شرح المُجَلَّى بالحجج والآثار لابن حزم الأندلسي > باب التوحيد

هو الله لا إله إلا هو، وأنه تعالى واحد لم يزل، ولا يزال.

برهان ذلك أنه لما صح ضرورة أن العالم كله مخلوق، وأن له خالقا وجب أن لو كان الخالق أكثر من واحد أن يكون قد حصرهما العدد، وكل معدود فذو نهاية كما ذكرنا، وكل ذي نهاية فمحدث.

وأيضًا فكل اثنين فهما غيران، وكل غيرين ففيهما أو في أحدهما معنى ما صار به غير الآخر، فعلى هذا كان يكون أحدهما، ولا بد مركبا من ذاته ومما غاير به الآخر، وإذا كان مركبا فهو مخلوق مدبر فبطل كل ذلك وعاد الأمر إلى وجوب أنه واحد، ولا بد، وأنه بخلاف خلقه من جميع الوجوه، والخلق كثير محدث.

فصح أنه تعالى بخلاف ذلك، وأنه واحد لم يزل، إذ لو لم يكن كذلك لكان من جملة العالم تعالى الله، عن ذلك قال تعالى "فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"

وقال تعالى "ولم يكن له كفوا أحد".

سامي الطحاوي السلمي