لا يجوز أمر الإمام لغير بالغ، ولا لمجنون، ولا امرأة، ولا يجوز أن يكون في الدنيا إلا إمام واحد فقط، ومن بات ليلة وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يجوز التردد بعد موت الإمام في اختيار الإمام أكثر من ثلاث.

برهان ذلك ما حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا ابن السليم، حدثنا ابن الأعرابي، حدثنا أبو داود، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، عن علي بن أبي طالب أن رسول الله ﷺ: "رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المبتلى حتى يعقل".

قال علي: الإمام إنما جعل ليقيم الناس الصلاة ويأخذ صدقاتهم ويقيم حدودهم ويمضي أحكامهم ويجاهد عدوهم، وهذه كلها عقود، ولا يخاطب بها من لم يبلغ أو من لا يعقل.

حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا أحمد بن فتح، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أحمد بن علي، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، هو ابن سعد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، أنه قال "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".

وبه إلى مسلم، حدثنا وهب بن بقية الواسطي، حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله ﷺ، أنه قال: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".

وبه إلى مسلم، حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا عاصم، هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن زيد بن محمد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: "من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".

حدثنا أحمد بن محمد الجسوري، حدثنا وهب بن مسرة، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، عن أبي داود الطيالسي، عن عيينة بن عبد الرحمان، عن أبيه، عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ قال: "لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة".

حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا أحمد بن فتح، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أحمد بن علي، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا قتيبة، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان أن النبي ﷺ قال: "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".

فصح أن أهل كل عصر لا يجوز أن يخلوا من أن يكون فيهم قائل بالحق، فإذا صح إجماعهم على شيء فهو حق مقطوع بذلك، إذا تيقن أنه لا مخالف في ذلك وقطع به وقد صح يقينا أن جميع أهل الإسلام رضوا بقاء الستة إذ مات عمر رضي الله، عن جميعهم ثلاثة أيام يرتئون في إمام. فصح هذا وبطل ما زاد عليه، إذ لم تبحه سنة، ولا إجماع. وبالله تعالى التوفيق. ثم تدبرنا هذه القصة فوجدنا عمر قد ولى الأمر أحد الستة المعينين أيهم اختاروا لانفسهم.

فصح يقينا أن عثمان كان الإمام ساعة موت عمر في علم الله تعالى، بإسناد عمر الأمر إليه بالصفة التي ظهرت فيه من اختيارهم إياه، فارتفع الإشكال وصح أنهم لم يبقوا ساعة، فكيف ليلة دون إمام بل كان لهم إمام معين محدود موصوف معهود إليه بعينه، وإن لم تعرفه الناس بعينه مدة ثلاثة أيام.

مختصر باب التوحيد

سامي الطحاوي السلمي