تفسير "لا إله إلا الله" هو أن الله تعالى إله كل شيء دونه، وخالق كل شيء دونه.

برهان ذلك أن العالم بكل ما فيه ذو زمان لم ينفك عنه قط، ولا يتوهم، ولا يمكن أن يخلو العالم عن زمان. ومعنى الزمان هو مدة بقاء الجسم متحركا أو ساكنا ومدة وجود العرض في الجسم، وإذ الزمان مدة كما ذكرنا فهو عدد معدود، ويزيد بمروره ودوامه، والزيادة لا تكون البتة إلا في ذي مبدأ ونهاية، من أوله إلى ما زاد فيه. والعدد أيضا ذو مبدأ، ولا بد، والزمان مركب بلا شك من أجزائه، وكل جزء من أجزاء الزمان فهو بيقين ذو نهاية من أوله ومنتهاه، والكل ليس هو شيئا غير أجزائه، وأجزاؤه كلها ذات مبدأ، فهو كله ذو مبدأ ضرورة، فلما كان الزمان لا بد له من مبدأ ضرورة، وكان العالم كله لا ينفك، عن زمان والزمان ذو مبدأ، فما لم يتقدم ذا المبدأ فهو ذو مبدأ، ولا بد، فالعالم كله جوهره وعرضه ذو مبدأ وإذ هو ذو مبدأ فهو محدث، والمحدث يقتضي محدثا ضرورة إذ لا يتوهم أصلا، ولا يمكن محدث إلا وله محدث، فالعالم كله مخلوق وله خالق لم يزل، وهو ملك كل ما خلق، فهو إله كل ما خلق ومخترعه لا إله إلا هو.

مختصر باب التوحيد

سامي الطحاوي السلمي