من رجحت سيئاته بحسناته فهم الخارجون من النار بالشفاعة، على قدر أعمالهم.
قال الله عز وجل: "وأما من خفت موازينه فأمه هاوية ومآ أدراك ما هيه * نار حامية"
وقال عز وجل: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعـمل مثقال ذرة شرا يره".
وقال تعالى: "اليوم تجزى كل نفس بما كـسبت".
حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا أحمد بن فتح، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أحمد بن علي، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله ﷺ قال في حديث طويل: "ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله عز وجل، تخطف الناس بأعمالهم فمنهم (يعني) الموبق بعمله ومنهم المخردل حتى ينجى".
وبه إلى مسلم، حدثنا أبو غسان المسمعي، ومحمد بن المثنى قالا، حدثنا معاذ، و، هو ابن هشام الدستوائي أخبرنا أبي، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك أن النبي ﷺ: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة».
قال علي: وليس قول الله عز وجل: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن"
وقول النبي ﷺ في حديث عبادة الذي ذكرناه آنفا "إن شاء غفر له وإن شاء عذبه" بمعارض لما ذكرنا ،لأنه ليس في هذين النصين إلا أنه تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء.
وهذا صحيح لا شك فيه، كما أن قوله تعالى: "إن الله يغفر الذنوب جميعا" وقوله تعالى في النصارى حاكيا عن عيسى عليه السلام أنه قال "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" قال الله "قال الله هـذا يوم ينفع الصادقين صدقهم" ليس بمعارض لهذين النصين، وليس في شيء من هذا أنه قد يغفر ولا يعذب من رجحت سيئاته على حسناته، والمبين لأحكام هؤلاء مما ذكرنا هو الحاكم على سائر النصوص المجملة.
وكذلك تقضي هذه النصوص على كل نص فيه: من فعل كذا حرم الله عليه الجنة، ومن قال لا إله إلا الله مخلصا حرم الله عليه النار، وعلى قوله تعالى: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها".
ومعنى كل هذا أن الله يحرم الجنة عليه حتى يقتص منه، ويحرم النار عليه أن يخلد فيها أبدا، وخالدا فيها مدة حتى تخرجه الشفاعة، إذ لا بد من جمع النصوص كلها. وبالله تعالى التوفيق.