لا يحل لأحد أن يقول في اية أو في خبر، عن رسول الله ﷺ ثابت هذا منسوخ وهذا مخصوص في بعض ما يقتضيه ظاهر لفظه، ولا أن لهذا النص تأويلا غير مقتض ظاهر لفظه، ولا أن هذا الحكم غير واجب علينا من حين وروده إلا بنص اخر وارد بأن هذا النص كما ذكر، أو بإجماع متيقن بأنه كما ذكر، أو بضرورة حس موجبة أنه كما ذكر وإلا فهو كاذب.
برهان ذلك قول الله عز وجل : "وما أرسلنا من رسول ألا ليطاع بإذن الله"
وقال تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم" وقال تعالى: "بلسان عربي مبين".
وقال تعالى: "وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما" وقال تعالى: "لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب".
فقوله تعالى: "وما أرسلنا من رسول ألا ليطاع"
موجب طاعة رسول الله ﷺ في كل ما أمر به.
وقوله تعالى : "أطيعوا الله" موجب طاعة القران.
ومن ادعى في اية أو خبر نسخا فقد أسقط وجوب طاعتهما، فهو مخالف لامر الله في ذلك.
قوله تعالى : "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم"
موجب أخذ كل نص في القران والأخبار على ظاهره ومقتضاه.
ومن حمله على غير مقتضاه في اللغة العربية فقد خالف قول الله تعالى وحكمه، وقال عليه عز وجل الباطل وخلاف قوله عز وجل، ومن ادعى أن المراد بالنص بعض ما يقتضيه في اللغة العربية لا كل ما يقتضيه فقد أسقط بيان النص وأسقط وجوب الطاعة له بدعواه الكاذبة.
وهذا قول على الله تعالى بالباطل، وليس بعض ما يقتضيه النص بأولى بالاقتصار عليه من سائر ما يقتضيه. قوله تعالى : "لواذا فليحذر الذين يخالفون عن".
موجب للوعيد على من قال : لا تجب علي موافقة أمره، وموجب أن جميع النصوص على الوجوب، ومن ادعى تأخير الوجوب مدة ما فقد أسقط وجوب طاعة الله ووجوب ما أوجب عز وجل من طاعة رسوله ﷺ في تلك المدة. وهذا خلاف لامر الله عز وجل.
فإذا شهد لدعوى من ادعى بعض ما ذكرنا قران أو سنة ثابتة، إما بإجماع أو نقل صحيح، فقد صح قوله ووجب طاعة الله تعالى في ذلك.
وكذلك من شهدت له ضرورة الحس ; لانها فعل الله تعالى في النفوس، وإلا فهي أقوال مؤدية إلى إبطال الإسلام وإبطال جميع العلوم وإبطال جميع اللغات كلها، وكفى بهذا فسادا. وبالله تعالى التوفيق.