كتاب المُحَلَّى في شرح المُجَلَّى بالحجج والآثار لابن حزم الأندلسي

مسائل من الأصول

  1. دِينُ الْإِسْلَامِ اللَّازِمُ لِكُلِّ أَحَدٍ لَا يُؤْخَذُ إلَّا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ مِمَّا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إمَّا بِرِوَايَةِ جَمِيعِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَنْهُ ﷺ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ، وَإِمَّا بِنَقْلِ جَمَاعَةٍ عَنْهُ ﷺ وَهُوَ نَقْلُ الْكَافَّةِ. وَإِمَّا بِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَاحِدًا عَنْ وَاحِدٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَيْهِ ﷺ وَلَا مَزِيدَ. البرهان

  2. الْمَوْقُوفُ وَالْمُرْسَلُ لَا تَقُومُ بِهِمَا حُجَّةٌ، وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يَرْوِهِ إلَّا مَنْ لَا يُوثَقُ بِدِينِهِ وَبِحِفْظِهِ، وَلَا يَحِلُّ تَرْكُ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِقَوْلِ صَاحِبٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَالْمُرْسَلُ هُوَ مَا كَانَ بَيْنَ أَحَدِ رُوَاتِهِ أَوْ بَيْنَ الرَّاوِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ مَنْ لَا يُعْرَفُ، وَالْمَوْقُوفُ هُوَ مَا لَمْ يَبْلُغْ بِهِ إلَى النَّبِيِّ ﷺ. البرهان

  3. وَالْقُرْآنُ يَنْسَخُ الْقُرْآنَ، وَالسُّنَّةُ تَنْسَخُ السُّنَّةَ وَالْقُرْآنَ. البرهان

  4. وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِي آيَةٍ أَوْ فِي خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَابِتٍ: هَذَا مَنْسُوخٌ وَهَذَا مَخْصُوصٌ فِي بَعْضِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ، وَلَا أَنَّ لِهَذَا النَّصِّ تَأْوِيلًا غَيْرَ مُقْتَضٍ ظَاهِرَ لَفْظِهِ، وَلَا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْنَا مِنْ حِينِ وُرُودِهِ إلَّا بِنَصٍّ آخَرَ وَارِدٍ بِأَنَّ هَذَا النَّصَّ كَمَا ذُكِرَ، أَوْ بِإِجْمَاعٍ مُتَيَقِّنٍ بِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ، أَوْ بِضَرُورَةِ حِسٍّ مُوجِبَةٍ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِبٌ. البرهان

  5. وَالْإِجْمَاعُ هُوَ مَا تُيُقِّنَ أَنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَرَفُوهُ وَقَالُوا بِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، كَتَيَقُّنِنَا أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - صَلَّوْا مَعَهُ ﷺ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ كَمَا هِيَ فِي عَدَدِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، أَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ صَامُوا مَعَهُ، أَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَامَ مَعَ النَّاسِ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الشَّرَائِعِ الَّتِي تَيَقَّنَتْ مِثْلَ هَذَا الْيَقِينِ. وَاَلَّتِي مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا مَا لَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ فِي أَنَّهُ إجْمَاعٌ. وَهُمْ كَانُوا حِينَئِذٍ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ لَا مُؤْمِنَ فِي الْأَرْضِ غَيْرُهُمْ. البرهان

  6. وَمَا صَحَّ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يُتَيَقَّنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَرَفَهُ وَدَانَ بِهِ فَلَيْسَ إجْمَاعًا، لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ هَهُنَا فَقَدْ كَذَبَ وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ. البرهان

  7. لَوْ جَازَ أَنْ يُتَيَقَّنَ إجْمَاعُ أَهْلِ عَصْرٍ بَعْدَهُمْ أَوَّلِهِمْ عَنْ آخِرِهِمْ عَلَى حُكْمِ نَصٍّ لَا يُقْطَعُ فِيهِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ حَقٌّ وَحُجَّةٌ وَلَيْسَ كَانَ يَكُونُ إجْمَاعًا. البرهان

  8. وَالْوَاجِبُ إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ أَوْ نَازَعَ وَاحِدٌ فِي مَسْأَلَةٍ مَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْقُرْآنِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَا إلَى شَيْءٍ غَيْرِهِمَا. وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ إلَى عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ. البرهان

  9. وَلَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِالْقِيَاسِ فِي الدِّينِ وَلَا بِالرَّأْيِ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ التَّنَازُعِ بِالرَّدِّ إلَى كِتَابِهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ قَدْ صَحَّ، فَمَنْ رَدَّ إلَى قِيَاسٍ وَإِلَى تَعْلِيلٍ يَدَّعِيه أَوْ إلَى رَأْيٍ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُعَلَّقَ بِالْإِيمَانِ وَرَدَّ إلَى غَيْرِ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالرَّدِّ إلَيْهِ، وَفِي هَذَا مَا فِيهِ. البرهان.

  10. وَأَفْعَالُ النَّبِيِّ ﷺ لَيْسَتْ فَرْضًا إلَّا مَا كَانَ مِنْهَا بَيَانًا لِأَمْرٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَمْرٌ، لَكِنَّ الِائْتِسَاءَ بِهِ ﷺ فِيهَا حَسَنٌ. البرهان

  11. وَلَا يَحِلُّ لَنَا اتِّبَاعُ شَرِيعَةِ نَبِيٍّ قَبْلَ نَبِيِّنَا ﷺ. البرهان

  12. وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَلِّدَ أَحَدًا، لَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الِاجْتِهَادِ حَسَبَ طَاقَتِهِ، فَمَنْ سَأَلَ عَنْ دِينِهِ فَإِنَّمَا يُرِيدُ مَعْرِفَةَ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الدِّينِ، فَفُرِضَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَجْهَلَ الْبَرِيَّةِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ مَوْضِعِهِ بِالدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا دُلَّ عَلَيْهِ سَأَلَهُ، فَإِذَا أَفْتَاهُ قَالَ لَهُ هَكَذَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ؟ فَإِنْ قَالَ لَهُ نَعَمْ أَخَذَ بِذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ أَبَدًا، وَإِنْ قَالَ لَهُ هَذَا رَأْيِي، أَوْ هَذَا قِيَاسٌ، أَوْ هَذَا قَوْلُ فُلَانٍ، وَذَكَرَ لَهُ صَاحِبًا أَوْ تَابِعًا أَوْ فَقِيهًا قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا، أَوْ سَكَتَ أَوْ انْتَهَرَهُ أَوْ قَالَ لَهُ لَا أَدْرِي، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ، وَلَكِنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ. البرهان

  13. وَإِذَا قِيلَ لَهُ - إذَا سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ بَلَدِهِ بِالدِّينِ: هَذَا صَاحِبُ حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، وَهَذَا صَاحِبُ رَأْيٍ وَقِيَاسٍ، فَلْيَسْأَلْ صَاحِبَ الْحَدِيثِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ صَاحِبَ الرَّأْيِ أَصْلًا. البرهان

  14. وَلَا حُكْمَ لِلْخَطَإِ وَلَا النِّسْيَانِ إلَّا حَيْثُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ لَهُمَا حُكْمٌ. البرهان

  15. وَكُلُّ فَرْضٍ كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْإِنْسَانَ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهِ سَقَطَ عَنْهُ، وَإِنْ قَوِيَ عَلَى بَعْضِهِ وَعَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ سَقَطَ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَلَزِمَهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ، سَوَاءٌ أَقَلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ. البرهان

  16. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الدِّينِ مُؤَقَّتًا بِوَقْتٍ قَبْلَ وَقْتِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مِنْ وَقْتِهِ وَالْآخَرُ مِنْ وَقْتِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْمَلَ قَبْلَ وَقْتِهِ وَلَا بَعْدَ وَقْتِهِ. البرهان

  17. وَالْمُجْتَهِدُ الْمُخْطِئُ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْمُقَلِّدِ الْمُصِيبِ. هَذَا فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً، وَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَا عُذْرَ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَدِلِّ وَلَا لِلْمُقَلِّدِ، وَكِلَاهُمَا هَالِكٌ. البرهان

  18. وَالْحَقُّ مِنْ الْأَقْوَالِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَسَائِرُهَا خَطَأٌ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. البرهان

سامي الطحاوي السلمي